آليات تحقيق التكامل بين نظام تكاليف الأنشطة ونظام محاسبة المسؤولية
صفحة 1 من اصل 1
آليات تحقيق التكامل بين نظام تكاليف الأنشطة ونظام محاسبة المسؤولية
آليات
تحقيق التكامل بين نظام تكاليف الأنشطة ونظام محاسبة المسؤولية
المقدمة :
أضحت نظم المعلومات في المنظمات الاقتصادية أداة هامة من أدوات تحسين
كفاءة المنظمة
ودعم موقعها التنافسي، لذلك اتجهت المنظمات إلى تصميم وبناء أنظمة معلومات من اجل السيطرة على الكم
الهائل من المعلومات الضرورية لإدارة
المنظمة وذلك لضمان وصول المعلومات موثقة وصحيحة ودقيقة
إلى كافة المستويات الإدارية بالشكل الملائم والوقت المناسب من اجل استخدامها في اتخاذ
قرارات رشيدة
تساهم في تحقيق أهداف المنظمة.
تقوم المنظمات بتطوير وتشغيل
العديد من نظم المعلومات الفرعية، مما يقود إلى تضخم حجم
البيانات التي يجب أن تجمع وتخزن وتعالج، مما يعني ارتفاع تكلفة تخزين وتحديث والحفاظ
على هذه
البيانات، لذلك يسيطر في عالم المنظمات في السنوات الأخيرة اتجاه لتطوير نظم المعلومات المتكاملة (Integrated Information Systems )، حيث
يتم تكامل كافة النظم التي تحتاجها المنظمة من خلال بناء
قاعدة بيانات موحدة وعامة، تتضمن كافة البيانات التي تحتاجها مختلف التطبيقات
التي تفرضها
حاجات إدارة المنظمة من المعلومات. إن بناء قاعدة بيانات موحدة لكافة النظم ضمن المنظمة ( Davenport , 1998, 122 ) سوف
يقلل من تكاليف القياس ويقلل أيضا من التناقض والاختلاف بين البيانات المخزنة في
حال بناء قواعد
بيانات مستقلة لكل نظام من هذه النظم كما أنه يمكن من معالجة معلومات مختلف النظم وتبادلها بشكل آلي .
يؤدي هذا التكامل إلى رفع كفاءة وفعالية
هذه النظم مجتمعة ويقلل من تكاليف عمليات التحديث المستمرة
لمحتوى قاعدة البيانات.
يندفع محللو النظم والاستشاريون والإدارة إلى تطبيق مدخل تكامل النظم عند بناء نظم
المعلومات، بسبب الإمكانيات الفنية العالية
لتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة التي تسمح بتحقيق
هذا التكامل بشكل عملي ومن خلال استخدام نظم المعالجة الآنية(Real
Time Processing ) التي
تمكن من المعالجة الفورية للبيانات المدخلة والتحديث (Updating ) الفوري لكافة الملفات الموجودة في قاعدة
البيانات المرتبطة بهذه المدخلات.
إلا أن بناء الأنظمة المتكاملة مكلف جدا، لذلك يرى الباحث أنه يتوجب
قبل البحث في
الإمكانية الفنية لتطبيق وتحقيق التكامل دراسة إمكانية التكامل من جهة التوافق والانسجام المنطقي بين
مختلف أنواع النظم الفرعية ( Sub-systems )
التي سوف يتم ربطها من خلال قاعدة البيانات.
تشكل نظم التكاليف،
ممثلة بنظام محاسبة المسؤولية ونظام تكاليف الأنشطة، نظم
فرعية هامة في نظام معلومات المنظمة، ويعمل محللو النظم على تحقيق التكامل بينهم،
لوجود العديد
من الأسباب التي تشجع على تحقيق التكامل بينها من خلال قاعدة
البيانات، مثل الترابط الكبير والمتعدد مع مختلف النظم
الفرعية في المنظمة، والمعلومات الجديدة كما ونوعا التي يمكن الحصول عليها نتيجة
التكامل، حيث يفترض أن تؤدي إلى تغيير كبير في دور نظم التكاليف من نظم تصدر
تقارير وتقدم
معلومات تاريخية، إلى نظم تساهم في رسم خريطة المنظمة الاقتصادية المستقبلية.
إلا أن نظام تكاليف محاسبة المسؤولية ونظام تكاليف الأنشطة هما نظامان مختلفان من حيث
الأهداف ومفهوم التكاليف وأساليب قياسها
وتصنيفها، مما يجعل عملية تحقيق التكامل بينهم بحاجة إلى
بحث ودراسة من أجل خلق التوافق المنطقي بين النظامين وبقية الأنظمة الفرعية
المرتبطة بهم داخل المنظمة مثل نظام التخطيط الفني والمالي ونظام المحاسبة
المالية.
هدف البحث:
ويهدف البحث إلى معالجة المشاكل التي تعترض بعض مشاكل تصميم وبناء نظام المعلومات المتكامل الموحد في
المنظمة في ظل التطور الكبير في مجال
البرمجيات بشكل عام وقواعد البيانات بشكل خاص، و من ثم
معالجة المشاكل التي تعترض تطبيق التكامل بين محاسبة تكاليف الأنشطة ومحاسبة مراكز
المسؤولية، ويسعى هذا البحث إلى تحقيق الأهداف التالية:
تحديد متطلبات نظم محاسبة المسؤولية على قاعدة البيانات.
تحديد متطلبات نظم محاسبة التكاليف القائمة على الأنشطة
على قاعدة البيانات.
تحديد فوائد ومشاكل التكامل بين النظامين.
إعداد إطار عام لتحقيق التكامل بين النظامين.
أهمية البحث:
تنبع أهمية البحث من ضرورة وجود نظام معلومات متكامل في المنظمة، ويأمل
الباحث أن
تتمكن المنظمات الاقتصادية من تطبيق نتائج هذا البحث في تصميم نظم التكاليف الخاصة بها، وخاصة تلك
المنظمات التي تعمل في دول تقيم اتفاقيات
المشاركة مع دول الاتحاد الأوربي أو التي تنوي الانضمام
إلى منظمة التجارة الدولية (WTO). إذ أن هذه المنظمات ستدخل مجال المنافسة الدولية مما يحتم عليها بناء نظام معلومات يقدم
معلومات تساعد في اتخاذ قرارات مثل تحسين
نوعية المنتجات التي تنتجها وتخفيض تكاليف تلك المنتجات،
لكي تتمكن من المنافسة في السوق والبقاء في ظل هذه البيئة الجديدة.
خطة البحث :
يرى الباحث أن البحث وأهدافه تتطلب تبويب خطة البحث على
النحو التالي:
أولاً - مفهوم التكامل في ظل قاعدة البيانات والمعالجة
الآنية للمعلومات:
ثانياً - متطلبات نظام تكاليف محاسبة المسؤولية على قاعدة
البيانات.
ثالثاً – متطلبات نظام تكاليف الأنشطة على قاعدة البيانات.
رابعاً – مزايا ومشاكل التكامل بين نظام محاسبة المسؤولية
ونظام تكاليف الأنشطة.
خامساً - الحلول المقترحة.
سادساً - النتائج والمقترحات.
أولاً - مفهوم التكامل في ظل قاعدة البيانات والمعالجة
الآنية للمعلومات:
تتم علمية بناء النظم المعلومات التقليدية في المنظمات الكبيرة عبر
تفتيت للمعلومات
التي تنشأ ضمن المنظمة، وذلك لأن المنظمة تجمع وتولد وتخزن كميات كبيرة من البيانات، هذه البيانات
تخزن في عدة أماكن عوضا عن تخزينها في
مكان واحد، وتنتشر هذه البيانات في العشرات بل المئات من
نظم الحاسب ضمن المنظمة. وكل نظام يحتفظ ببياناته بشكل مستقل وله وظيفة مستقلة،
وبالتالي فإن
كل نظام يساند فعالية معينة معروفة من فعاليات المنظمة المتعددة، مثل بناء نظام للمبيعات ونظام آخر
للمشتريات وثالث للمخزون ورابع لتخطيط
الإنتاج ..الخ. حيث تعزل الوظيفة عن بقية الإجراءات
المعلوماتية وتحمل هذه الوظيفة إلى نظام الحاسب. وهكذا بالنسبة إلى بقية الوظائف ضمن
المنظمة وبذلك
ينتج معنا العديد من النظم الحاسوبية. التي تقود إلى نشوء المشاكل التالية ( قاسم ، 1998 ، ص 268 -
274 ):
انقطاع سير البيانات الآلي
بين نظم المعلومات الفرعية فتغير المبيعات المتوقعة في
نظام المبيعات مثلا لا يحدث تأثيره بشكل مباشر على نظام تخطيط الإنتاج لأن ملفات نظام
المبيعات مستقلة
عن ملفات تخطيط الإنتاج .
إن إمكانية تقويم المعلومات
المخزنة داخل نظام الحاسب واستخدامها في عملية اتخاذ
القرار تكون محدودة بسبب عدم إمكانية الربط بين البيانات المختلفة .
إن هنالك تكرار في
تخزين البيانات ، إذ أن المعطيات نفسها وزعت وسجلت في عدة
أنظمة وهذا يقود إلى ارتفاع في تكلفة تخزين وتحديث البيانات لان أي إضافة أو تعديل
على البيانات
يجب أن تتم في كل الملفات المختصة (ذات العلاقة) .
إن الرقابة على صحة ونوعية البيانات المعالجة والمدخلة هي من اختصاص
برامج التطبيقات
نفسها، فالمبرمجون عادة هم الذين يحددون نوع ودرجة الرقابة
المنطقية التي يؤديها البرنامج. إن ذلك قد يكون كافياً في
حد ذاته تحت وجهة نظر واعتبارات التطبيق، أما بالنسبة لنظام المعلومات بشكل عام في
المنظمة فان
ذلك يعتبر غير كافي، لذلك لا بد من وجود وسائل وخطوات رقابية إضافية لضمان صحة البيانات، بحيث تكون
البيانات المخزنة في عدة ملفات خالية من
التناقض فيما بين هذه الملفات وتعبر عن الواقع الفعلي
للمنظمة.
تقود هذه الظواهر إلى ارتفاع تكاليف تشغيل النظم وتشكل منزلقاً خطيراً
يقود إلى انخفاض
إنتاجية المنظمة ويهدد وجودها، ليس فقط نتيجة ارتفاع التكاليف المباشرة لتشغيل النظام وإنما نتيجة
التكاليف غير المباشرة الناتجة عن صعوبة الوصول إلى المعلومات الضرورية لعملية اتخاذ القرارات.
أما عند تصميم وبناء نظام معلومات متكامل وموحد للمنظمة بشكل عام ، فإن
جوهر هذا
النظام يتمثل في بناء قاعدة معلومات موحدة وعامة لكافة النظم الفرعية داخل المنظمة . تتلقى هذه القاعدة
البيانات من سلسلة من التطبيقات التي
تمثل وظائف المنظمة المتعددة، كما أنها تغذي هذه التطبيقات
بالبيانات الضرورية
لمساندة كل أنشطة المنظمة الموزعة بين وظائف ووحدات المنظمة
المختلفة، مما يجعل المعلومات تنساب دون عوائق في المنظمة
بأكملها.حيث أن إدخال بيانات جديدة إلى النظام يؤدي إلى تحديث كل البيانات ذات
العلاقة المخزنة
في ملفات قاعدة البيانات. هذا النوع من الأنظمة أصبح حقيقة (انظر نظام Sap's
R/3 المطور من قبل شركة SAP الألمانية لمحة عن هذا النظام
موجودة في Davenport ,
1998 , 122 تفاصيل أكثر في Scheer , 1988 أما
التفاصيل الشاملة فهي متاحة في SAP ,
1985, 1986 ).
تحدد خصوصية كل
نظام معلومات فرعي على قاعدة البيانات من خلال تعيين
المقاطع (Views ) التي تهم النظام الفرعي من قاعدة
البيانات العامة والموحدة
يتم تصميم قاعدة البيانات العامة
والموحدة للمنظمة عبر النظر إلى الكيانات ( Entities ) التي سوف يتضمنها النظام
( مثل العامل ، المنتج ، العميل ، المورد ، المادة الأولية ..الخ) من وجهة نظر
كافة الوظائف الموجودة في المنظمة وليس من وظيفة محددة أو تطبيق محدد ، حيث يتم
تضمين كل ملف من الملفات بجميع الحقول التي تهم كافة وظائف وأنشطة المنظمة حول
الكيانات الموجودة في المنظمة ، مما يؤدي إلى تخفيض كمية البيانات التي يجب أن
تخزن في المنظمة بشكل عام لعدم تكرار تخزين البيانات والمشاكل المرتبطة بها مثل
مشاكل التحديث وخلو البيانات من التناقض والاختلاف.
بعد إعداد وتصميم قاعدة البيانات بهذا الشكل يتم إعداد التطبيقات التي سوف تقوم
بتغذية قاعدة البيانات بالمعلومات الضرورية وتحديثها، وكذلك التطبيقات التي سوف
تقوم بمعالجة هذه المعلومات وإيصالها إلى المستفيدين .
يتم إعداد هذه التطبيقات باستخدام أساليب المعالجة الآنية ( Real
- Time- Processing
) في تحديث البيانات ومعالجتها ، حيث يتم إدخال البيانات مباشرة إلى الحاسب فور
وقوع الإجراء المعلوماتي عبر حوار بين برنامج الإدخال والمستخدم، لتتم معالجتها
فوراً في كافة الملفات ذات العلاقة، مما يؤدي إلى رفع سوية حداثة المعلومات بشكل
كبير. يتمتع أسلوب المعالجة الآنية بمجموعة خواص تجعل نظام المعلومات مرناً
وفعالاً. من أهم خواص هذا الأسلوب:
سرعة في الرد على أسئلة المستخدمين .
يقدم إمكانيات متعددة للوصول إلى البيانات المخزنة على وسائط التخزين .
إمكانية عرض جزئي للبيانات حسب رغبة المستخدم .
إمكانية معالجة المشاكل غير المعروفة مسبقاً عند تصميم نظام المعلومات.
سهولة التعامل مع النظام من خلال نظام النوافذ في إدخال البيانات والحصول على
المعلومات.
يتطلب تحقيق مثل هذه الأنظمة استخدام قواعد البيانات الموزعة (Distributed Database
) ومجموعة من الحواسب مربوطة بحاسب مركزي بواسطة شبكة اتصالات ( Network
) حيث تعمل كل الحواسب بنفس نظام إدارة قاعدة البيانات ( Date , 1995 ,594 )، ويشكل يمكن
في هذه الحالة تبادل المعلومات بين عناصر الشبكة من خلال أوامر وتعليمات بسيطة كما
هو الحال في نظام بنك المعلومات الترابطي (Oracle) .
ثانياً - متطلبات نظام تكاليف محاسبة المسؤولية على قاعدة البيانات:
محاسبة المسؤولية هي أداة تهدف إلى رقابة وتقييم أداء العاملين في المنظمة بمختلف
مستوياتهم الإدارية من خلال الربط بين نشوء التكاليف وبين تصرفات العاملين المسببة
لهذه التكاليف ( كحالة وحنان ، 1997 ، ص. 411 ) . وتتم عملية الرقابة من خلال
تحديد مراكز التكلفة أو مراكز الإيرادات أو مراكز الربحية أو مراكز الاستثمار
كمركز مسؤولية تسجل فيه كل عناصر التكلفة التي يكون مدير المركز مسؤولا عنها بشكل
معياري (الموازنات التخطيطية) كما يتم الإثبات الفعلي للتكاليف الناشئة في هذا
المركز من واقع سجلا ت نظام المحاسبة المالية. وبالتالي فهو نظام يقدم معلومات
تعكس مدى الفعالية والكفاءة الاقتصادية لمراكز المسؤولية في المنظمة والعمليات
وتقويم أداء المراكز المختلفة داخل المنظمة بهدف دعم جهود التحسين المستمر ( Continuous Improvement
) على مستوى المراكز والأقسام.
يستخدم نظام محاسبة المسؤولية من أجل الرقابة التشغيلية على مستوى الأقسام
والمراكز، لذلك يجب إثبات وحساب هذه التكاليف بشكل دقيق وكذلك تحديث بيانات النظام
بشكل مستمر، بما يضمن أن تكون المعلومات التي يقدمها النظام حديثة ودقيقة، تعكس
التكاليف الفعلية في هذه الأقسام والمراكز، لذلك يجب أن تكون المعلومات التي يعتمد
عليها وقتية ودقيقة ومختصة بمركز المسؤولية . يتضمن هذا النظام بالإضافة إلى
المعلومات المالية مثل بنية التكاليف في المركز، نتائج عمل المركز، معلومات أخرى
غير مالية مثل زمن دورة العمليات والأعطال والتالف في مركز المسؤولية، ويقوم
النظام بإصدار تقارير يومية أو في نهاية كل أمر إنتاجي يتضمن مثل هذه المعلومات
بغرض تزويد العاملين بتغذية عكسية حول فعالية وكفاءة ونوعية العمليات المسؤولين
عنها. كما أنه يقدم معلومات مالية ملائمة حول المستهلك من الموارد المخصصة أثناء
تنفيذ العمليات التشغيلية.
يقدم هذا النظام الرقابي إضافة إلى ما سبق تقارير حول مقاييس الأداء على مستوى
الأقسام ومراكز المسؤولية مثل كمية الأعمال المنجزة وقيمتها بالإضافة إلى بعض
المعايير الأخرى مثل ربحية المركز والعائد على رأس المال المستثمر.
إن نظام محاسبة المسؤولية يمكن أن يتضمن تعريفاً للأنشطة المنفذة داخل الأقسام
والمراكز، ولكن تعريف النشاط داخل المراكز والأقسام هو أكثر تفصيلا من تعريف
النشاط في نظام تكاليف الأنشطة، لأن البيانات التفصيلية ضرورية لتقديم تغذية عكسية
من أجل تحسين العمليات الفرعية داخل الأقسام والمراكز.
تتطابق التكاليف وفق نظام محاسبة المسؤولية مع النفقات المثبتة في نظام المحاسبة
المالية، والتي تقيس النفقات الفعلية التي تخص مركز المسؤولية والتكاليف
المستقبلية التي تكون تحت تأثير وسيطرة العاملين في المركز. وبالتالي فإن التكاليف
تمثل نفقات الحصول على الموارد المخصصة لهذا المركز . يتطلب تطبيق هذا المدخل
التمييز بين التكاليف الثابتة والتكاليف المتغيرة على الأمد القصير، فالتكاليف
المتغيرة هي التكاليف التي يمكن للعاملين في المركز التأثير عليها ، أما التكاليف
الثابتة فهي التكاليف التي لا يمكن للعاملين التأثير عليها في الأمد القصير.
ثالثاً - متطلبات نظام تكاليف الأنشطة على قاعدة البيانات:
إن الهدف من نظام تكاليف الأنشطة هو تمكين الإدارة العليا من تقويم ربحية المنتجات
والعملاء ووحدات المنظمة المختلفة، وذلك بتخصيص التكاليف على أساس توزيع موارد
المنظمة بشكل شامل، أي أنه يعمل على قياس تكاليف الأنشطة والعمليات و مدى استغلال
الطاقة المخططة. لذلك يقدم نظام تكاليف الأنشطة معلومات تسمح بتكوين نظرة استراتيجية
حول المنظمة وتساعد الإدارة العليا في فهم اقتصاديات المنظمة المستقبلية المحتملة
عند تصنيع المنتجات أو خدمة العملاء.
تقوم نظم تكاليف الأنشطة بربط تكاليف الموارد ضمن المنظمة بالأنشطة الإنتاجية
والإدارية والمعلوماتية والفنية المختلفة اللازمة لإتمام عمليات الإنتاج والبيع
مثل أنشطة تصميم المنتجات وتخطيط الإنتاج ورقابة النوعية.. الخ.
النشاط هو مجموعة من العمليات التي تقوم بإنجاز عمل محدد مثل شراء مواد، صيانة
الآلات، تصميم المنتج، الإشراف على العملية الإنتاجية، …الخ. وتقوم هذه النظم
بعملية ربط التكاليف الصناعية المساندة (التكاليف غير المباشرة) التي تنشأ ضمن
المنظمة بالأنشطة، وذلك بافتراض أن الأنشطة هي التي تسبب نشوء تكاليف الصنع
المساندة . وبما أن الأنشطة هي التي تسبب نشوء التكاليف، فإن ربط الموارد بالأنشطة
المستهلكة لهذه الموارد يقدم آلية أفضل لفهم طبيعة نشوء التكاليف والرقابة عليها.
إن تحليل أعمال المنظمة على شكل مجموعة من الأنشطة ودراسة العلاقات فيما بين هذه
الأنشطة يساعد في تحديد الأهمية النسبية لهذه الأنشطة لإتمام عمليات الإنتاج
والبيع، كما يساعد في تحديد الطاقة المتاحة والمطلوبة من كل نشاط من الأنشطة، مما يساعد
في تحديد الموارد التي يجب تخصيصها على هذه الأنشطة من أجل تحقيق أهداف المنظمة.
يرى (Miller and Vollman ,1985, pp. 142-150 ) أن المرحلة الحاسمة في إدارة ورقابة
تكاليف الصنع المساندة تتمثل في تطوير نموذج يمكن من خلاله التعرف على القوى
المحركة لهذه التكاليف ، فهما يفترضان أن الذي يحرك هذه التكاليف ويسبب حدوثها ليس
حجم الإنتاج وإنما العمليات والأنشطة المساندة مثل عمليات الإمداد وعمليات الجودة
وعمليات الحصول على المعلومات. لذلك يصنفان الأنشطة بحسب الهدف من النشاط. يطلق
على هذه العوامل المحركة "محركات تكاليف النشاط"، لأن حجم المحرك في كل
نشاط هو الذي يحدد تكاليف النشاط، حيث يرتبط المستهلك من مورد معين مرن مع مستوى
تشغيل النشاط، فمثلا يتعلق حجم الكمية المستخدمة من الوقود والزيوت بعدد ساعات عمل
الآلة، كما تتعلق مصاريف إعداد وتهيئة الآلات بعدد مرات الإعداد والمدة الزمنية
لكل عملية إعداد، كما تتعلق تكاليف التصميم الفني للمنتج بعدد التصميمات المنفذة
والزمن الذي يحتاجه إعداد كل تصميم، كما تتعلق تكاليف قسم النقل بالكميات التي تم
نقلها. يطلق على هذه المقاييس محركات تكلفة النشاط ( Activity
Cost Drivers
)، لأن تكاليف الأنشطة تتحرك تزايداً أو تناقصاً مع التغيير في هذه المقاييس
(مسببات نشوء التكاليف ).
محرك تكلفة النشاط ( Activity Cost Driver ): هو وحدة قياس لتحديد
المستوى أو الكميات التي ينجزها النشاط. أي أنه الكمية المنجزة من تنفيذ نشاط
معين، وبالتالي فإن محرك تكلفة النشاط هو تعبير عن أسباب نشوء التكلفة في نشاط
معين.
أما معدل محرك تكلفة النشاط ( Activity Cost Driver Rate ): فهو عبارة عن نسبة
تكاليف الموارد من أجل تأمين أو تنفيذ نشاط معين إلى مستوى الطاقة الذي يمكن جعله
متاحا بواسطة هذه الموارد.
إن ربط التكاليف المساندة للإنتاج (
التكاليف غير المباشرة) بالأنشطة التي تسببت في نشوء هذه التكاليف وفق هذا المفهوم
يقدم إمكانية أفضل لإلغاء مفهوم التكاليف غير المباشرة، فما يمكن أن يكون غير
مباشر بالنسبة لوحدة المنتج يمكن أن يكون تكاليف مباشرة لأنشطة متعلقة بأمر
الإنتاج، وما يعد تكاليف غير مباشرة لأمر الإنتاج يمكن أن يعد تكاليف مباشرة
لأنشطة عملية الإنتاج بشكل عام، وأخيرا فإن ما يعد تكاليف غير مباشرة لعملية
الإنتاج يكون تكاليف مباشرة للأنشطة التي تخدم المنظمة بشكل عام.
يتطلب تنفيذ الأنشطة كماً من الموارد مثل المواد والتجهيزات واليد العاملة. إن
الحصول على هذه الموارد واستخدامها يؤدي إلى نشوء التكاليف التي تقوم المحاسبة
بقياسها. من هنا تنشأ علاقة ارتباط قوية بين وجود النشاط ومستوى النشاط والتكاليف
. تساعد علاقة الارتباط هذه على فهم أفضل لأسباب نشوء التكاليف وإمكانية تخفيضها مما
ينعكس على تكلفة المنتجات. إن نظام تكاليف الأنشطة يقوم على تتبع أثر التكاليف من
الموارد ( عمال ، مواد ، الآلات وبقية التجهيزات) إلى الأنشطة والعمليات ضمن
المنظمة وصولا إلى تكلفة المنتج معين أو خدمة أو عميل. إنها تحتوي على التكاليف
الاستراتيجية للمنتجات والعملاء. يمكن تقدير وتخطيط التكاليف الاستراتيجية
للمنتجات أو الخدمات أو العملاء أو الوحدات التنظيمية، مما يمكن الإدارة العليا من
فهم وتقويم المستويات المختلفة من المنظمة وهرمها التنظيمي.
إن التكاليف ترتبط بالطاقة التي يتوقع أن تحتاج إليها المنظمة، لأن المنظمة تقوم
بتخصيص الموارد بناءً على الطاقة التي تتوقع أن تحتاج إليها، وبالتالي فإذا كانت
الطاقة المتاحة أكبر من الطاقة المستهلكة فإن ذلك يقود إلى ارتفاع التكلفة. أما
إذا زاد الطلب على الطاقة عن المتاح منها فان المنظمة بحاجة إلى تخصيص موارد
إضافية لتزيد حجم الطاقة المتاحة ، مما يزيد من حجم التكاليف. لذلك يكون الوضع
الأمثل عندما يتساوى الطلب على الطاقة مع المتاح من هذه الطاقة، وهذا ما يطلق عليه
التكلفة العادية للوحدة وهي تساوي إلى التكاليف المنتظمة للطاقة المتاحة مقسومةً
على عدد وحدات الطاقة المتاحة عند هذا الحد من التكاليف. وبالتالي فان التكلفة
العادية لوحدة النشاط هي مقياس متوسط تكلفة الوحدة عندما يكون النشاط متغيراً بشكل
كامل. لذلك تعد التكلفة العادية الأساس في تحديد السعر على الأمد الطويل ( Banker . and.
Hughes ,1994 , pp. 479-494 ) . وبالتالي فإن تكلفة النشاط يجب أن تعرف على
أنها التكاليف المنتظمة اللازمة لتأمين موارد النشاط اللازمة للوصول إلى مستوى
الطاقة الإنتاجية المخططة .
تمثل عدد وحدات محرك تكلفة النشاط الطاقة المتاحة من النشاط عند هذا الحد من
الموارد المخصصة له. وبما أن المنظمات تقوم بتخصيص الموارد للأنشطة المختلفة قبل
معرفة الطلب الفعلي على هذه الموارد ، فإن تكلفة تقديم هذه الموارد سوف تتحملها
الأنشطة سواء تم استخدام هذه الموارد بشكل كامل أم لا . إن تكاليف هذه الموارد مثل
العمل المباشر والطاقة الإنتاجية للآلات والإيجار والتأمين سوف تأخذ شكل التكاليف الثابتة
طالما لم يتجاوز حجم الطاقة المستخدمة حدود الطاقة المتاحة. بينما يرتبط عرض بعض
الموارد المرنة مباشرة بمستوى الإنتاج مثل المواد الأولية والطاقة الكهربائية فهي
تقابل بدقة الطلب على هذه الموارد لذلك تعد تكاليف متغيرة. ويمكن تفسير سلوك
العديد من عناصر التكلفة في الأمد القصير الأجل وفق مدخل مرونة الموارد. فالأنشطة
التي تكون تكاليف الموارد المخصصة لها مرنة في المدى القصير أو المتوسط تصنف بأنها
تكاليف متغيرة، أما تكاليف الموارد التي لا يمكن تعديلها إلا في الأمد الطويل
الأجل فإنها تصنف ضمن التكاليف الثابتة.
إن البيانات حول الوقت الضائع وتكلفته لكل نشاط من الأنشطة لا تظهر في قائمة الدخل
التقليدية، بالرغم من أهميتها للإدارة في تتبع ورقابة هذه التكاليف من أجل
استخدامها في قرارات تحديد عدد العاملين في كل نشاط وطلبات العملاء التي يمكن
قبولها(Banker,1995 ,pp.120 ). يترتب على ذلك أنه يجب ، لأغراض اتخاذ
القرارات ، إعداد قوائم التكاليف على أساس التكلفة العادية بغض النظر عن أثر نسبة
استغلال الطاقة على معدل محرك تكلفة النشاط. أما الإنفاق الإجمالي فيتم عرضه ضمن
القوائم المالية التقليدية. إذ أنه من غير المعقول رفع تكلفة الوحدة الواحدة في
فترات الكساد وتخفيض تكلفة الوحدة الواحدة في فترات الرواج .
يقوم نظام تكاليف الأنشطة بتجميع التكاليف المتعلقة بالأنشطة التي يمكن أن تشمل
العديد من مراكز المسؤولية والتكلفة. فمثلا يتطلب حساب تكلفة طلبية عميل جديد من
تركيب خط هاتف تحديد تكلفة تنفيذ هذه الطلبية في العديد من الأقسام ، قسم خدمة
العملاء ، قسم التخطيط، القسم الفني ، قسم إعداد الفواتير، وقسم المحاسبة.
إن ما يميز نظام تكاليف الأنشطة، ليس فقط شمولية النظرة إلى حوامل التكلفة، وإنما
اعتماده في حساب تكلفة حوامل التكلفة على المعدلات المعيارية التقديرية، وليس على
التكاليف الفعلية، عند تتبعه لتكلفة تنفيذ الأنشطة والعمليات، وهذه المعدلات تحسب
كما هو واضح على أساس الطاقة المتاحة القصوى المخططة وليس على أساس الطاقة
المستغلة فعليا في وقت تنفيذ النشاط، لأن تذبذب كميات النشاط سوف تنعكس على تكاليف
المنتجات والعملاء، مما يشوه مقياس الكفاءة الداخلية للنشاط، لذلك لا يوجد مبرر
إلى عمليات تحديث مباشرة وفورية في نظام تكاليف الأنشطة وذلك لأن هذه المعدلات
تبقى ثابتة على الأمد القصير.
أما من حيث دقة البيانات التي تشكل مدخلات نظام تكاليف الأنشطة فإنه ليس من الضروري
أن تكون هذه البيانات دقيقة بنسبة 100%. فالمدير يمكنه صناعة قرارات جيدة
بالاعتماد على فرضية زائد ناقص 10%.
رابعا - مزايا ومشاكل التكامل بين نظام محاسبة المسؤولية ونظام تكاليف الأنشطة:
إن الربط بين نظام محاسبة المسؤولية ومحاسبة تكاليف الأنشطة يقدم معلومات حيوية
حول فعالية نظام العمليات وإمكانيات تحسينه ومستوى استغلال الطاقة
المخططة(المتاحة) وإعداد الموازنات التقديرية من خلال استخدام نظام تكاليف
الأنشطة، مما يعني تقديم الإمكانية للإدارة لتحويل ما يدعى بالتكاليف الثابتة إلى
تكاليف متغيرة وجعل الإدارة تعالج التكاليف والأرباح المستقبلية من منطلق
استراتيجي وليس من منطلق تاريخي يتعلق بالماضي
الربط بين محاسبة المسؤولية ومحاسبة
تكاليف الأنشطة:
تكمن أهمية الربط بين نظام محاسبة المسؤولية ومحاسبة تكاليف الأنشطة في أن نظام
محاسبة المسؤولية يراقب ثلاث فرضيات جوهرية وهامة بالنسبة لنظام تكاليف الأنشطة،
هي:
- الطاقة المتاحة في ظل الموارد المخصصة للنشاط
- تكلفة ساعة العمل الإنتاجية
- الوقت اللازم لإنجاز نشاط معين.
وعند تأكد الإدارة من حدوث تحول دائم وأكيد في هذه الفرضيات، عندئذ يمكن استخدامها
في استنتاج وإعادة معايرة معدل محرك تكلفة النشاط. وتشكل عملية التحديث لهذه
المعايير أحد المداخل الهامة لتطبيق مفهوم الإدارة (التحسين المستمر ) وإحدى فوائد
نظام التكامل، لذلك فإن عملية تنقية البيانات التي تسجل في نظام محاسبة مراكز
المسؤولية، عند حدوث تغييرات مستمرة في الطاقة والفعالية وأسعار الموارد
المستخدمة، واستخدام هذه البيانات في تحديث معدلات محركات تكاليف الأنشطة
المختلفة، يساهم في تحديد أسباب الانحرافات بين معدلات محركات التكاليف والتكاليف
الفعلية التي تم قياسها في نظام محاسبة المسؤولية، كما يمكن من تحسين المعايير المصممة
لتكاليف الأنشطة وجعلها عبر الزمن أكثر دقة وموضوعية. فعندما يكون المطلوب زيادة
الطاقة الفعلية لأحد لأنشطة، فإن ذلك يؤدي إلى تخفيض معدل محرك تكلفة ذلك النشاط،
أما عندما يتطلب الأمر زيادة الموارد المخصصة لتنفيذ نشاط معين، فإن ذلك يؤدي إلى
ارتفاع معدل محرك تكلفة النشاط.
يزود نظام محاسبة المسؤولية الإدارة بمعلومات ذات قيمة عالية حول الطاقة المستغلة،
ولذلك يجب تصميم نظام محاسبة المسؤولية، بحيث يستطيع تحديد الموارد الضرورية
لتجاوز نقاط الاختناق في الطاقة على مستوى الأنشطة المختلفة. فعندما يربط النظام
بين محرك تكلفة النشاط وتلك الموارد المخصصة لتنفيذ النشاط فإنه يصبح قادراً على
إعلام الإدارة ، أنه سوف يحدث قريبا، ارتفاع في تكاليف نقاط الاختناق ، مما يؤدي
إلى زيادة تكاليف الفرصة الضائعة إذا تم قبول أعمال إضافية في هذا النشاط) ، من
خلال المقارنة بين تكاليف الموارد اللازمة لزيادة حجم الطاقة المتاحة في نشاط معين
والإيرادات التي يمكن الحصول عليها من هذه الزيادة.
إن نظام محاسبة المسؤولية يملك المقدرة على تحسس انحراف الطاقة الفعلية عن الطاقة
المخططة في نظام محاسبة تكاليف الأنشطة. فإذا ظهرت اختناقات وتأخير في تنفيذ أعمال
الأنشطة بالرغم من أن الطاقة الفعلية هي أقل من الطاقة المخططة، فإن ذلك يتطلب
تخفيض الطاقة المخططة في نظام تكاليف الأنشطة.
وعلى العكس، إذا كان الطلب الفعلي على طاقة النشاط يتجاوز الطاقة المخططة من دون
حدوث تأخير أو إرباك في تنفيذ الأنشطة، فإن مثل هذه المعلومات تشكل تغذية راجعة
لنظام تكاليف الأنشطة، حيث يجب في مثل هذه الحالة زيادة حجم محرك التكلفة المخططة
لهذا النشاط مع الإبقاء على نفس الموارد مما يعني تخفيض معدل محرك التكلفة، أما
عند عدم الحاجة إلى زيادة حجم محركات التكلفة المتعلقة بهذا النشاط، فإنه يمكن
الإدارة إعادة تخصيص الموارد بين الأنشطة، مما يؤدي إلى تخفيض معدل محرك التكلفة
أيضا.
الربط بين محاسبة المسؤولية ومحاسبة الأنشطة وإعداد التقارير:
تتمثل أهمية محاسبة التكاليف بالنسبة لعملية إعداد التقارير المالية في تحديد
تكلفة المخزون وتكلفة المبيعات. وبما أن عملية إعداد التقارير المالية تتم
اعتماداً على التكاليف الفعلية فإن نظام محاسبة المسؤولية يعد أكثر ملاءمة لعملية
إعداد التقارير المالية، فهو قائم على أساس التكاليف الفعلية المدونة في السجلات
المالية. ولكن من المفيد لأغراض القرارات الإدارية تقويم مخزون أخر المدة وتكلفة
المبيعات بالتكلفة المعيارية. وهنا تنشأ فروق بين الكيفية التي تستخدمها الإدارة
فيها بتخصيص التكاليف على المنتجات وبين متطلبات إعداد التقارير المالية في تخصيص
التكاليف، وبالتالي ظهور تكلفتين للمنتج الواحد، مما قد يثير الحيرة والارتباك في
الإدارة، لذلك نقترح أن يتم إعداد القوائم والتقارير المالية لأغراض تقويم الأداء
من قبل الإدارة على أساس تكاليف الأنشطة، ثم تتم عملية تصحيح لهذه التقارير بما
ينسجم مع المبادئ المحاسبية المقبولة لأغراض المستخدمين الخارجيين، وتتم عملية
التصحيح هذه على إجمالي تكلفة المخزون و تكلفة المبيعات الإجمالية لكل المنتجات
وليس لكل منتج بشكل مستقل.
إعداد الموازنات التخطيطية على أساس تكاليف الأنشطة:
يقوم إعداد الموازنات التخطيطية على أساس الأنشطة على أساس تحديد الطاقة المطلوب
من كل نشاط أن ينفذها ثم تخصص الموارد الضرورية لتنفيذ هذا النشاط عند ذلك المستوى
من الطاقة في الفترات القادمة. ولعل من أهم مزايا نظم المعلومات المتكاملة إمكانية
إعداد الموازنات التقديرية على أساس الأنشطة. وتمكن عملية إعداد الموازنات
التقديرية على أساس الأنشطة الإدارة من الرقابة بشكل أكثر فعالية على بنية
التكاليف، إذ أنها تمكن الإدارة من تحويل القسم الأعظم من التكاليف الثابتة إلى تكاليف
متغيرة. لإن التمييز بين التكاليف المتغيرة والثابتة هو أمر يتعلق بالقرار الإداري
الذي يحدد كم يجب أن ينفق على تأمين هذا المورد وليس متعلقا بطبيعة المورد
المستخدم، وما هي قدرة القرار الإداري على المواءمة بين الحاجة إلى الموارد وتوفير
هذه الموارد بسرعة. يستطيع المدير اتخاذ القرارات المتعلقة بتأمين الموارد أثناء
عمليات إعداد الموازنة على أساس الأنشطة وبالتالي يمكن اعتبار كل التكاليف التي
سوف تخصص لنشاط معين بمثابة تكاليف متغيرة عند إعداد الموازنة.
إن نظام تكاليف الأنشطة يمكن الإدارة من اتخاذ القرارات المتعلقة بحجم الإنفاق على
الموارد التي تعد وفق المفهوم التقليدي ضمن التكاليف الثابتة مثل المعدات
والتجهيزات والعاملين وتكاليف تشغيل نظم المعلومات. وتتضمن إجراءات إعداد
الموازنات المراحل الرئيسية التالية(Cooper, R. , and
Kaplan, R. S. 1998, pp.116):
تقدير كميات الإنتاج والمبيعات في الفترة المالية:
تتطلب عملية إعداد الموازنة على أساس الأنشطة بالإضافة إلى تقدير كميات المبيعات
والإنتاج تحديد المزيج الإنتاجي وتشكيلة العملاء المستهدفين. وبالتالي فإن
التقديرات لا تتضمن فقط المنتجات التي سوف تباع وإنما عدد ونوعية العملاء الذين
سوف يشترون هذه المنتجات. إن إعداد الموازنة وفق هذه الطريقة يتطلب معلومات أكثر
تفصيلا من الموازنة التقليدية، لأنه يجب توافر معلومات حول الإجراءات الواجب
استخدامها من أجل إنجاز خطة المبيعات والإنتاج. مثل عدد مرات التصنيع لكل منتج،
طرق الشحن، تكرار أوامر الشراء للمواد الأولية، عدد طلبات العملاء المتوقعة، فمثل
هذه المعلومات تعد بمثابة الأساس في تحديد الأنشطة التي تحتاجها المنظمة والطاقة
التشغيلية لكل نشاط.
التنبؤ بالأنشطة التي تحتاج إليها المنظمة والطاقة التشغيلية لكل نشاط:
يتطلب إعداد الموازنات التخطيطية على أساس الأنشطة وضع قائمة بالأنشطة الضرورية
لإنتاج وبيع المنتجات مثل نشاط الفوترة، نشاط الاستلام، نشاط معالجة المواد، نشاط
الصيانة، نشاط فحص المنتجات ونشاط تطوير وتصميم المنتجات الجديدة وجميع الأنشطة
الأخرى. وبعد عملية تحديد الأنشطة يتم تحديد المستوى التشغيلي لكل نشاط من الأنشطة
بناء على معطيات خطة الإنتاج والمبيعات وبقية المعلومات الأخرى الواردة الفقرة
السابقة. يلاحظ على هذه الطريقة في إعداد الموازنة شموليتها لكافة الأنشطة بينما
تقوم الموازنات التقديرية العادية على تقدير المواد والعمل البشري وعمل الآلات
فقط.
تحديد الموارد اللازمة لتنفيذ الأنشطة:
بعد وضع قائمة الأنشطة التي يحتاجها تنفيذ الخطة الإنتاجية والتسويقية يتم وضع
تقديرات حول نوع الموارد من تجهيزات ويد عاملة ومواد أولية وكافة مستلزمات تنفيذ
الأنشطة من حيث الكمية والمواصفات التي تحتاجها الأنشطة، حتى يمكن لهذه الأنشطة
الوصول إلى الطاقة التشغيلية المطلوبة والمحددة في الفقرة السابقة.
تحديد الموارد الفعلية التي يجب توفيرها:
بعد وضع التقديرات السابقة يتم تحويل الحاجة إلى الموارد إلى تقدير إجمالي للموارد
التي يجب توفيرها بحسب الإمكانيات المالية والفنية المتاحة للمنظمة ورغبة المنظمة
في تخصيص الموارد المتاحة لديها بالشكل الأمثل الذي يساهم في تحقيق هدف المنظمة
الاستراتيجي. حيث يتم تخصيص الموارد المتاحة من قبل إدارة المنظمة على هذه الأنشطة
حسب حاجة كل نشاط إلى هذه الموارد حسب تقديرات وسياسة إدارة المنظمة. ويرعى في
عملية التوزيع هذه مدى مرونة عرض الموارد تجاه الطلب عليها.
تحديد طاقة كل نشاط:
في النهاية يجب حساب الطاقة الإنتاجية لكل نشاط من الأنشطة ضمن المنظمة في ظل
الموارد المخصصة لكل نشاط. وإذا تم الانطلاق من الموارد المخصصة، فإن النظام يقوم
بتحديد أي عنصر من عناصر الموارد هو الذي يتحكم بالطاقة الإنتاجية القصوى للنشاط (
المورد الحرج). في معظم الأحوال فإن الإجراء الأخير هو إجراء معقد ويتطلب إعادة
الحسابات لهذه العملية عدداً من المرات. إن تحديد الطاقة المطلوبة من النشاط يتطلب
معرفة نماذج طلبات البيع، جدولة الإنتاج، المشتريات والشحن، والموارد التي يمكن
استخدامها في أنشطة متنوعة والطلب الموسمي على الأنشطة. ويشكل إعداد الموازنات
التقديرية على أساس الأنشطة أحد أساليب تزويد نظام تخطيط الموارد في المنظمة
بمعلومات ذات قيمة عالية تستخدم في توزيع الموارد المتاحة على أنشطة المنظمة
المختلفة بما يساهم في تحقيق أهداف المنظمة.
يتم تزويد نظام محاسبة تكاليف الأنشطة بالطاقة المتاحة من كل نشاط والموارد
المخصصة لكل نشاط، ثم يتم استخدام هذه المعلومات من قبل نظام محاسبة المسؤولية،
لمراقبة استخدام الموارد المخططة ومقارنتها مع النفقات الفعلية وبالتالي تقويم مدى
نجاح الأنشطة المختلفة في تحقيق الأهداف المرسومة لها.
مشاكل التكامل بين النظامين:
تتلخص مشكلة التكامل بين نظام محاسبة المسؤولية ونظام تكاليف الأنشطة في اختلاف كل
من هدف وطبيعة ومدى ومحتوى كل من النظامين (Cooper, and
Kaplan, 1998,
pp.111).
يهدف نظام تكاليف الأنشطة إلى تزويد الإدارة بخريطة اقتصادية للمنظمة، بحيث يمكن
التعرف على أماكن نشوء الموارد وأماكن استخدامها. إنها تساعد الإدارة في فهم
الاقتصاديات المحتملة للمنظمة، حيث تعكس معدلات محرك التكاليف الفعالية الضمنية
للأنشطة مقاسة بالتكلفة وكمية الموارد التي يجب توفيرها لتنفيذ الأنشطة. إن
الفعالية الضمنية لا تقاس بكمية العمل الذي نتوقع أن ننجزه في الفترة القادمة،
وليس بكمية العمل الفعلية المنجزة في الفترة الماضية ولكن بكمية العمل التي يمكن
أن ننجزها في ظل الموارد المتاحة.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف يعتمد نظام تكاليف الأنشطة على التكاليف المعيارية
المقدرة للموارد المخصصة للنشاط في الخطة، لذلك فإن نظام تكاليف الأنشطة هو نظام
معياري من حيث طبيعته. وبناء على الطبيعية المعيارية للنظام فإن المطلوب من النظام
تحديث هذه المعايير في فترات دورية وليس بشكل مستمر وفوري. أما المدى الذي يقيس
على أساسه النظام الفعالية فهو النشاط ودوره في المساهمة في تكوين القيمة من تامين
المواد والمستلزمات وصولا إلى تقديم المنتج إلى العميل.
أما نظام محاسبة المسؤولية فيهدف إلى تزويد الإدارة بمعلومات تغذية اقتصادية عكسية
حول فعالية الأقسام (مراكز المسؤولية ) في إنجاز وظائفها. لذلك فهو يعمل على قياس
التكاليف الفعلية التي تنشأ في مراكز المسؤولية بشكل مستمر. وطالما أن التكاليف
الفعلية هي التي يتم الاعتماد عليها في نظام محاسبة المسؤولية، فإن الدقة في إثبات
هذه التكاليف على مراكز المسؤولية أمر مهم، لأنها يجب أن تتطابق في النهاية مع
النفقات المثبتة في المحاسبة المالية.
وبما أن نظام تكاليف الأنشطة هو نظام معياري فهو يبني المعايير على أساس متوسط
المقاييس خلال الفترة، بينما يقوم نظام محاسبة المسؤولية بتسجيل كافة الأحداث
الاقتصادية الفعلية التي تنشأ في المنظمة بشكل مستمر خلال الفترة المحاسبية. وبما
أن الأحداث الاقتصادية ذات طبيعة عشوائية، فإن ذلك يخلق العديد من المشاكل عند
تصميم النظامين على أساس التكامل بين النظامين. إذ أن نظم تكاليف محاسبة المسؤولية
تقوم بتسجيل الإنفاق الفعلي الذي يتضمن تقلبات عشوائية في النفقات وكميات العمل
المنجزة، مما ينعكس سلباً أو إيجاباً على قياس فعالية وربحية الأنشطة. وتنشأ
التقلبات في الإنفاق نتيجة طبيعة الموارد، فليست كل الموارد المشتراة في فترة
معينة تستخدم في نفس الفترة وليست كل الموارد المستخدمة في فترة معينة تكون مشتراة
في نفس الفترة. أما تقلبات العمل المنجز فتنشأ لأن الطلب على نتائج النشاط ينحرف
سلباً أو إيجاباً عن الطاقة المخططة بشكل يومي. أما تقلبات الفعالية والنتائج
فإنها تحدث لأن الإجراءات تخضع لتغييرات مستمرة.
إن استخدام بيانات نظام تكاليف محاسبة المسؤولية من قبل نظام تكاليف الأنشطة مع
عدم مراعاة أثر هذه التقلبات العشوائية للأحداث الاقتصادية على عمليات التقويم في
الأمد القصير يمكن أن يقود الإدارة إلى قرارات خاطئة في حساب تكاليف المنتج أو
تكاليف طلبية معينة وتقود إلى قرارات خاطئة في مجال تقويم أداء الأنشطة والأقسام ،
لأنها تخفي التحسن أو الفشل في الأنشطة والعمليات في المنظمة. إن تعامل نظام
تكاليف الأنشطة مع بيانات نظام محاسبة المسؤولية يمكن أن يقود الإدارة إلى الخطأ
في ترتيب الأولويات أثناء تصميم إجراءات تحسين الأنشطة والعمليات ضمن المنظمة.
فعلى سبيل المثال يقود انكماش حجم الأعمال أثناء الفترة إلى ارتفاع معدل محرك
تكلفة النشاط الفعلية نتيجة انخفاض كمية الأعمال المطلوب إنجازها. وربما يكون رد
فعل الإدارة على هذا الارتفاع الضغط على العاملين لتحسين الكفاءة والفعالية،
بالرغم من أنه لا يوجد انخفاض حقيقي في الكفاءة الإنتاجية. إن المشكلة الحقيقية هي
في غياب العمل وليس في الفعالية أو الكفاءة . والأكثر من هذا أنها ترسل إشارة
مغلوطة لتحسين الكفاءة والفعالية، فالمدير بحاجة إلى السيطرة على المشكلة الرئيسية
والمتمثلة إما بتأمين عمل أكثر للمنظمة أو البدء بنقل العاملين إلى أنشطة أخرى
والتخلص من التجهيزات الفائضة ليتم عزل الطاقة غير المستخدمة للموارد لعدم حاجة
النشاط إليها.
بالمقابل، عند ازدهار الأعمال، فإن معدل محرك تكلفة النشاط يمكن أن ينخفض. ويقود
تناقص معدل محرك التكلفة إلى شعور المدير بالرضا، ويعتقد أن فعالية النشاط جيدة،
وبالتالي يتوقف عن الضغط على العاملين لتحسين الإنتاجية بالرغم من أن انخفاض
الفعالية قد يكون مستتراً خلف تزايد سرعة النشاط.
إن تبدل وتقلب معدلات محرك التكلفة تجعل المدير محتاراً حول ربحية المنتجات
والعملاء ، فالطلبية التي تصل المنظمة عندما تكون كمية النشاط مرتفعة تظهر أكثر
ربحية من نفس الطلبية الت
تحقيق التكامل بين نظام تكاليف الأنشطة ونظام محاسبة المسؤولية
المقدمة :
أضحت نظم المعلومات في المنظمات الاقتصادية أداة هامة من أدوات تحسين
كفاءة المنظمة
ودعم موقعها التنافسي، لذلك اتجهت المنظمات إلى تصميم وبناء أنظمة معلومات من اجل السيطرة على الكم
الهائل من المعلومات الضرورية لإدارة
المنظمة وذلك لضمان وصول المعلومات موثقة وصحيحة ودقيقة
إلى كافة المستويات الإدارية بالشكل الملائم والوقت المناسب من اجل استخدامها في اتخاذ
قرارات رشيدة
تساهم في تحقيق أهداف المنظمة.
تقوم المنظمات بتطوير وتشغيل
العديد من نظم المعلومات الفرعية، مما يقود إلى تضخم حجم
البيانات التي يجب أن تجمع وتخزن وتعالج، مما يعني ارتفاع تكلفة تخزين وتحديث والحفاظ
على هذه
البيانات، لذلك يسيطر في عالم المنظمات في السنوات الأخيرة اتجاه لتطوير نظم المعلومات المتكاملة (Integrated Information Systems )، حيث
يتم تكامل كافة النظم التي تحتاجها المنظمة من خلال بناء
قاعدة بيانات موحدة وعامة، تتضمن كافة البيانات التي تحتاجها مختلف التطبيقات
التي تفرضها
حاجات إدارة المنظمة من المعلومات. إن بناء قاعدة بيانات موحدة لكافة النظم ضمن المنظمة ( Davenport , 1998, 122 ) سوف
يقلل من تكاليف القياس ويقلل أيضا من التناقض والاختلاف بين البيانات المخزنة في
حال بناء قواعد
بيانات مستقلة لكل نظام من هذه النظم كما أنه يمكن من معالجة معلومات مختلف النظم وتبادلها بشكل آلي .
يؤدي هذا التكامل إلى رفع كفاءة وفعالية
هذه النظم مجتمعة ويقلل من تكاليف عمليات التحديث المستمرة
لمحتوى قاعدة البيانات.
يندفع محللو النظم والاستشاريون والإدارة إلى تطبيق مدخل تكامل النظم عند بناء نظم
المعلومات، بسبب الإمكانيات الفنية العالية
لتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة التي تسمح بتحقيق
هذا التكامل بشكل عملي ومن خلال استخدام نظم المعالجة الآنية(Real
Time Processing ) التي
تمكن من المعالجة الفورية للبيانات المدخلة والتحديث (Updating ) الفوري لكافة الملفات الموجودة في قاعدة
البيانات المرتبطة بهذه المدخلات.
إلا أن بناء الأنظمة المتكاملة مكلف جدا، لذلك يرى الباحث أنه يتوجب
قبل البحث في
الإمكانية الفنية لتطبيق وتحقيق التكامل دراسة إمكانية التكامل من جهة التوافق والانسجام المنطقي بين
مختلف أنواع النظم الفرعية ( Sub-systems )
التي سوف يتم ربطها من خلال قاعدة البيانات.
تشكل نظم التكاليف،
ممثلة بنظام محاسبة المسؤولية ونظام تكاليف الأنشطة، نظم
فرعية هامة في نظام معلومات المنظمة، ويعمل محللو النظم على تحقيق التكامل بينهم،
لوجود العديد
من الأسباب التي تشجع على تحقيق التكامل بينها من خلال قاعدة
البيانات، مثل الترابط الكبير والمتعدد مع مختلف النظم
الفرعية في المنظمة، والمعلومات الجديدة كما ونوعا التي يمكن الحصول عليها نتيجة
التكامل، حيث يفترض أن تؤدي إلى تغيير كبير في دور نظم التكاليف من نظم تصدر
تقارير وتقدم
معلومات تاريخية، إلى نظم تساهم في رسم خريطة المنظمة الاقتصادية المستقبلية.
إلا أن نظام تكاليف محاسبة المسؤولية ونظام تكاليف الأنشطة هما نظامان مختلفان من حيث
الأهداف ومفهوم التكاليف وأساليب قياسها
وتصنيفها، مما يجعل عملية تحقيق التكامل بينهم بحاجة إلى
بحث ودراسة من أجل خلق التوافق المنطقي بين النظامين وبقية الأنظمة الفرعية
المرتبطة بهم داخل المنظمة مثل نظام التخطيط الفني والمالي ونظام المحاسبة
المالية.
هدف البحث:
ويهدف البحث إلى معالجة المشاكل التي تعترض بعض مشاكل تصميم وبناء نظام المعلومات المتكامل الموحد في
المنظمة في ظل التطور الكبير في مجال
البرمجيات بشكل عام وقواعد البيانات بشكل خاص، و من ثم
معالجة المشاكل التي تعترض تطبيق التكامل بين محاسبة تكاليف الأنشطة ومحاسبة مراكز
المسؤولية، ويسعى هذا البحث إلى تحقيق الأهداف التالية:
تحديد متطلبات نظم محاسبة المسؤولية على قاعدة البيانات.
تحديد متطلبات نظم محاسبة التكاليف القائمة على الأنشطة
على قاعدة البيانات.
تحديد فوائد ومشاكل التكامل بين النظامين.
إعداد إطار عام لتحقيق التكامل بين النظامين.
أهمية البحث:
تنبع أهمية البحث من ضرورة وجود نظام معلومات متكامل في المنظمة، ويأمل
الباحث أن
تتمكن المنظمات الاقتصادية من تطبيق نتائج هذا البحث في تصميم نظم التكاليف الخاصة بها، وخاصة تلك
المنظمات التي تعمل في دول تقيم اتفاقيات
المشاركة مع دول الاتحاد الأوربي أو التي تنوي الانضمام
إلى منظمة التجارة الدولية (WTO). إذ أن هذه المنظمات ستدخل مجال المنافسة الدولية مما يحتم عليها بناء نظام معلومات يقدم
معلومات تساعد في اتخاذ قرارات مثل تحسين
نوعية المنتجات التي تنتجها وتخفيض تكاليف تلك المنتجات،
لكي تتمكن من المنافسة في السوق والبقاء في ظل هذه البيئة الجديدة.
خطة البحث :
يرى الباحث أن البحث وأهدافه تتطلب تبويب خطة البحث على
النحو التالي:
أولاً - مفهوم التكامل في ظل قاعدة البيانات والمعالجة
الآنية للمعلومات:
ثانياً - متطلبات نظام تكاليف محاسبة المسؤولية على قاعدة
البيانات.
ثالثاً – متطلبات نظام تكاليف الأنشطة على قاعدة البيانات.
رابعاً – مزايا ومشاكل التكامل بين نظام محاسبة المسؤولية
ونظام تكاليف الأنشطة.
خامساً - الحلول المقترحة.
سادساً - النتائج والمقترحات.
أولاً - مفهوم التكامل في ظل قاعدة البيانات والمعالجة
الآنية للمعلومات:
تتم علمية بناء النظم المعلومات التقليدية في المنظمات الكبيرة عبر
تفتيت للمعلومات
التي تنشأ ضمن المنظمة، وذلك لأن المنظمة تجمع وتولد وتخزن كميات كبيرة من البيانات، هذه البيانات
تخزن في عدة أماكن عوضا عن تخزينها في
مكان واحد، وتنتشر هذه البيانات في العشرات بل المئات من
نظم الحاسب ضمن المنظمة. وكل نظام يحتفظ ببياناته بشكل مستقل وله وظيفة مستقلة،
وبالتالي فإن
كل نظام يساند فعالية معينة معروفة من فعاليات المنظمة المتعددة، مثل بناء نظام للمبيعات ونظام آخر
للمشتريات وثالث للمخزون ورابع لتخطيط
الإنتاج ..الخ. حيث تعزل الوظيفة عن بقية الإجراءات
المعلوماتية وتحمل هذه الوظيفة إلى نظام الحاسب. وهكذا بالنسبة إلى بقية الوظائف ضمن
المنظمة وبذلك
ينتج معنا العديد من النظم الحاسوبية. التي تقود إلى نشوء المشاكل التالية ( قاسم ، 1998 ، ص 268 -
274 ):
انقطاع سير البيانات الآلي
بين نظم المعلومات الفرعية فتغير المبيعات المتوقعة في
نظام المبيعات مثلا لا يحدث تأثيره بشكل مباشر على نظام تخطيط الإنتاج لأن ملفات نظام
المبيعات مستقلة
عن ملفات تخطيط الإنتاج .
إن إمكانية تقويم المعلومات
المخزنة داخل نظام الحاسب واستخدامها في عملية اتخاذ
القرار تكون محدودة بسبب عدم إمكانية الربط بين البيانات المختلفة .
إن هنالك تكرار في
تخزين البيانات ، إذ أن المعطيات نفسها وزعت وسجلت في عدة
أنظمة وهذا يقود إلى ارتفاع في تكلفة تخزين وتحديث البيانات لان أي إضافة أو تعديل
على البيانات
يجب أن تتم في كل الملفات المختصة (ذات العلاقة) .
إن الرقابة على صحة ونوعية البيانات المعالجة والمدخلة هي من اختصاص
برامج التطبيقات
نفسها، فالمبرمجون عادة هم الذين يحددون نوع ودرجة الرقابة
المنطقية التي يؤديها البرنامج. إن ذلك قد يكون كافياً في
حد ذاته تحت وجهة نظر واعتبارات التطبيق، أما بالنسبة لنظام المعلومات بشكل عام في
المنظمة فان
ذلك يعتبر غير كافي، لذلك لا بد من وجود وسائل وخطوات رقابية إضافية لضمان صحة البيانات، بحيث تكون
البيانات المخزنة في عدة ملفات خالية من
التناقض فيما بين هذه الملفات وتعبر عن الواقع الفعلي
للمنظمة.
تقود هذه الظواهر إلى ارتفاع تكاليف تشغيل النظم وتشكل منزلقاً خطيراً
يقود إلى انخفاض
إنتاجية المنظمة ويهدد وجودها، ليس فقط نتيجة ارتفاع التكاليف المباشرة لتشغيل النظام وإنما نتيجة
التكاليف غير المباشرة الناتجة عن صعوبة الوصول إلى المعلومات الضرورية لعملية اتخاذ القرارات.
أما عند تصميم وبناء نظام معلومات متكامل وموحد للمنظمة بشكل عام ، فإن
جوهر هذا
النظام يتمثل في بناء قاعدة معلومات موحدة وعامة لكافة النظم الفرعية داخل المنظمة . تتلقى هذه القاعدة
البيانات من سلسلة من التطبيقات التي
تمثل وظائف المنظمة المتعددة، كما أنها تغذي هذه التطبيقات
بالبيانات الضرورية
لمساندة كل أنشطة المنظمة الموزعة بين وظائف ووحدات المنظمة
المختلفة، مما يجعل المعلومات تنساب دون عوائق في المنظمة
بأكملها.حيث أن إدخال بيانات جديدة إلى النظام يؤدي إلى تحديث كل البيانات ذات
العلاقة المخزنة
في ملفات قاعدة البيانات. هذا النوع من الأنظمة أصبح حقيقة (انظر نظام Sap's
R/3 المطور من قبل شركة SAP الألمانية لمحة عن هذا النظام
موجودة في Davenport ,
1998 , 122 تفاصيل أكثر في Scheer , 1988 أما
التفاصيل الشاملة فهي متاحة في SAP ,
1985, 1986 ).
تحدد خصوصية كل
نظام معلومات فرعي على قاعدة البيانات من خلال تعيين
المقاطع (Views ) التي تهم النظام الفرعي من قاعدة
البيانات العامة والموحدة
يتم تصميم قاعدة البيانات العامة
والموحدة للمنظمة عبر النظر إلى الكيانات ( Entities ) التي سوف يتضمنها النظام
( مثل العامل ، المنتج ، العميل ، المورد ، المادة الأولية ..الخ) من وجهة نظر
كافة الوظائف الموجودة في المنظمة وليس من وظيفة محددة أو تطبيق محدد ، حيث يتم
تضمين كل ملف من الملفات بجميع الحقول التي تهم كافة وظائف وأنشطة المنظمة حول
الكيانات الموجودة في المنظمة ، مما يؤدي إلى تخفيض كمية البيانات التي يجب أن
تخزن في المنظمة بشكل عام لعدم تكرار تخزين البيانات والمشاكل المرتبطة بها مثل
مشاكل التحديث وخلو البيانات من التناقض والاختلاف.
بعد إعداد وتصميم قاعدة البيانات بهذا الشكل يتم إعداد التطبيقات التي سوف تقوم
بتغذية قاعدة البيانات بالمعلومات الضرورية وتحديثها، وكذلك التطبيقات التي سوف
تقوم بمعالجة هذه المعلومات وإيصالها إلى المستفيدين .
يتم إعداد هذه التطبيقات باستخدام أساليب المعالجة الآنية ( Real
- Time- Processing
) في تحديث البيانات ومعالجتها ، حيث يتم إدخال البيانات مباشرة إلى الحاسب فور
وقوع الإجراء المعلوماتي عبر حوار بين برنامج الإدخال والمستخدم، لتتم معالجتها
فوراً في كافة الملفات ذات العلاقة، مما يؤدي إلى رفع سوية حداثة المعلومات بشكل
كبير. يتمتع أسلوب المعالجة الآنية بمجموعة خواص تجعل نظام المعلومات مرناً
وفعالاً. من أهم خواص هذا الأسلوب:
سرعة في الرد على أسئلة المستخدمين .
يقدم إمكانيات متعددة للوصول إلى البيانات المخزنة على وسائط التخزين .
إمكانية عرض جزئي للبيانات حسب رغبة المستخدم .
إمكانية معالجة المشاكل غير المعروفة مسبقاً عند تصميم نظام المعلومات.
سهولة التعامل مع النظام من خلال نظام النوافذ في إدخال البيانات والحصول على
المعلومات.
يتطلب تحقيق مثل هذه الأنظمة استخدام قواعد البيانات الموزعة (Distributed Database
) ومجموعة من الحواسب مربوطة بحاسب مركزي بواسطة شبكة اتصالات ( Network
) حيث تعمل كل الحواسب بنفس نظام إدارة قاعدة البيانات ( Date , 1995 ,594 )، ويشكل يمكن
في هذه الحالة تبادل المعلومات بين عناصر الشبكة من خلال أوامر وتعليمات بسيطة كما
هو الحال في نظام بنك المعلومات الترابطي (Oracle) .
ثانياً - متطلبات نظام تكاليف محاسبة المسؤولية على قاعدة البيانات:
محاسبة المسؤولية هي أداة تهدف إلى رقابة وتقييم أداء العاملين في المنظمة بمختلف
مستوياتهم الإدارية من خلال الربط بين نشوء التكاليف وبين تصرفات العاملين المسببة
لهذه التكاليف ( كحالة وحنان ، 1997 ، ص. 411 ) . وتتم عملية الرقابة من خلال
تحديد مراكز التكلفة أو مراكز الإيرادات أو مراكز الربحية أو مراكز الاستثمار
كمركز مسؤولية تسجل فيه كل عناصر التكلفة التي يكون مدير المركز مسؤولا عنها بشكل
معياري (الموازنات التخطيطية) كما يتم الإثبات الفعلي للتكاليف الناشئة في هذا
المركز من واقع سجلا ت نظام المحاسبة المالية. وبالتالي فهو نظام يقدم معلومات
تعكس مدى الفعالية والكفاءة الاقتصادية لمراكز المسؤولية في المنظمة والعمليات
وتقويم أداء المراكز المختلفة داخل المنظمة بهدف دعم جهود التحسين المستمر ( Continuous Improvement
) على مستوى المراكز والأقسام.
يستخدم نظام محاسبة المسؤولية من أجل الرقابة التشغيلية على مستوى الأقسام
والمراكز، لذلك يجب إثبات وحساب هذه التكاليف بشكل دقيق وكذلك تحديث بيانات النظام
بشكل مستمر، بما يضمن أن تكون المعلومات التي يقدمها النظام حديثة ودقيقة، تعكس
التكاليف الفعلية في هذه الأقسام والمراكز، لذلك يجب أن تكون المعلومات التي يعتمد
عليها وقتية ودقيقة ومختصة بمركز المسؤولية . يتضمن هذا النظام بالإضافة إلى
المعلومات المالية مثل بنية التكاليف في المركز، نتائج عمل المركز، معلومات أخرى
غير مالية مثل زمن دورة العمليات والأعطال والتالف في مركز المسؤولية، ويقوم
النظام بإصدار تقارير يومية أو في نهاية كل أمر إنتاجي يتضمن مثل هذه المعلومات
بغرض تزويد العاملين بتغذية عكسية حول فعالية وكفاءة ونوعية العمليات المسؤولين
عنها. كما أنه يقدم معلومات مالية ملائمة حول المستهلك من الموارد المخصصة أثناء
تنفيذ العمليات التشغيلية.
يقدم هذا النظام الرقابي إضافة إلى ما سبق تقارير حول مقاييس الأداء على مستوى
الأقسام ومراكز المسؤولية مثل كمية الأعمال المنجزة وقيمتها بالإضافة إلى بعض
المعايير الأخرى مثل ربحية المركز والعائد على رأس المال المستثمر.
إن نظام محاسبة المسؤولية يمكن أن يتضمن تعريفاً للأنشطة المنفذة داخل الأقسام
والمراكز، ولكن تعريف النشاط داخل المراكز والأقسام هو أكثر تفصيلا من تعريف
النشاط في نظام تكاليف الأنشطة، لأن البيانات التفصيلية ضرورية لتقديم تغذية عكسية
من أجل تحسين العمليات الفرعية داخل الأقسام والمراكز.
تتطابق التكاليف وفق نظام محاسبة المسؤولية مع النفقات المثبتة في نظام المحاسبة
المالية، والتي تقيس النفقات الفعلية التي تخص مركز المسؤولية والتكاليف
المستقبلية التي تكون تحت تأثير وسيطرة العاملين في المركز. وبالتالي فإن التكاليف
تمثل نفقات الحصول على الموارد المخصصة لهذا المركز . يتطلب تطبيق هذا المدخل
التمييز بين التكاليف الثابتة والتكاليف المتغيرة على الأمد القصير، فالتكاليف
المتغيرة هي التكاليف التي يمكن للعاملين في المركز التأثير عليها ، أما التكاليف
الثابتة فهي التكاليف التي لا يمكن للعاملين التأثير عليها في الأمد القصير.
ثالثاً - متطلبات نظام تكاليف الأنشطة على قاعدة البيانات:
إن الهدف من نظام تكاليف الأنشطة هو تمكين الإدارة العليا من تقويم ربحية المنتجات
والعملاء ووحدات المنظمة المختلفة، وذلك بتخصيص التكاليف على أساس توزيع موارد
المنظمة بشكل شامل، أي أنه يعمل على قياس تكاليف الأنشطة والعمليات و مدى استغلال
الطاقة المخططة. لذلك يقدم نظام تكاليف الأنشطة معلومات تسمح بتكوين نظرة استراتيجية
حول المنظمة وتساعد الإدارة العليا في فهم اقتصاديات المنظمة المستقبلية المحتملة
عند تصنيع المنتجات أو خدمة العملاء.
تقوم نظم تكاليف الأنشطة بربط تكاليف الموارد ضمن المنظمة بالأنشطة الإنتاجية
والإدارية والمعلوماتية والفنية المختلفة اللازمة لإتمام عمليات الإنتاج والبيع
مثل أنشطة تصميم المنتجات وتخطيط الإنتاج ورقابة النوعية.. الخ.
النشاط هو مجموعة من العمليات التي تقوم بإنجاز عمل محدد مثل شراء مواد، صيانة
الآلات، تصميم المنتج، الإشراف على العملية الإنتاجية، …الخ. وتقوم هذه النظم
بعملية ربط التكاليف الصناعية المساندة (التكاليف غير المباشرة) التي تنشأ ضمن
المنظمة بالأنشطة، وذلك بافتراض أن الأنشطة هي التي تسبب نشوء تكاليف الصنع
المساندة . وبما أن الأنشطة هي التي تسبب نشوء التكاليف، فإن ربط الموارد بالأنشطة
المستهلكة لهذه الموارد يقدم آلية أفضل لفهم طبيعة نشوء التكاليف والرقابة عليها.
إن تحليل أعمال المنظمة على شكل مجموعة من الأنشطة ودراسة العلاقات فيما بين هذه
الأنشطة يساعد في تحديد الأهمية النسبية لهذه الأنشطة لإتمام عمليات الإنتاج
والبيع، كما يساعد في تحديد الطاقة المتاحة والمطلوبة من كل نشاط من الأنشطة، مما يساعد
في تحديد الموارد التي يجب تخصيصها على هذه الأنشطة من أجل تحقيق أهداف المنظمة.
يرى (Miller and Vollman ,1985, pp. 142-150 ) أن المرحلة الحاسمة في إدارة ورقابة
تكاليف الصنع المساندة تتمثل في تطوير نموذج يمكن من خلاله التعرف على القوى
المحركة لهذه التكاليف ، فهما يفترضان أن الذي يحرك هذه التكاليف ويسبب حدوثها ليس
حجم الإنتاج وإنما العمليات والأنشطة المساندة مثل عمليات الإمداد وعمليات الجودة
وعمليات الحصول على المعلومات. لذلك يصنفان الأنشطة بحسب الهدف من النشاط. يطلق
على هذه العوامل المحركة "محركات تكاليف النشاط"، لأن حجم المحرك في كل
نشاط هو الذي يحدد تكاليف النشاط، حيث يرتبط المستهلك من مورد معين مرن مع مستوى
تشغيل النشاط، فمثلا يتعلق حجم الكمية المستخدمة من الوقود والزيوت بعدد ساعات عمل
الآلة، كما تتعلق مصاريف إعداد وتهيئة الآلات بعدد مرات الإعداد والمدة الزمنية
لكل عملية إعداد، كما تتعلق تكاليف التصميم الفني للمنتج بعدد التصميمات المنفذة
والزمن الذي يحتاجه إعداد كل تصميم، كما تتعلق تكاليف قسم النقل بالكميات التي تم
نقلها. يطلق على هذه المقاييس محركات تكلفة النشاط ( Activity
Cost Drivers
)، لأن تكاليف الأنشطة تتحرك تزايداً أو تناقصاً مع التغيير في هذه المقاييس
(مسببات نشوء التكاليف ).
محرك تكلفة النشاط ( Activity Cost Driver ): هو وحدة قياس لتحديد
المستوى أو الكميات التي ينجزها النشاط. أي أنه الكمية المنجزة من تنفيذ نشاط
معين، وبالتالي فإن محرك تكلفة النشاط هو تعبير عن أسباب نشوء التكلفة في نشاط
معين.
أما معدل محرك تكلفة النشاط ( Activity Cost Driver Rate ): فهو عبارة عن نسبة
تكاليف الموارد من أجل تأمين أو تنفيذ نشاط معين إلى مستوى الطاقة الذي يمكن جعله
متاحا بواسطة هذه الموارد.
إن ربط التكاليف المساندة للإنتاج (
التكاليف غير المباشرة) بالأنشطة التي تسببت في نشوء هذه التكاليف وفق هذا المفهوم
يقدم إمكانية أفضل لإلغاء مفهوم التكاليف غير المباشرة، فما يمكن أن يكون غير
مباشر بالنسبة لوحدة المنتج يمكن أن يكون تكاليف مباشرة لأنشطة متعلقة بأمر
الإنتاج، وما يعد تكاليف غير مباشرة لأمر الإنتاج يمكن أن يعد تكاليف مباشرة
لأنشطة عملية الإنتاج بشكل عام، وأخيرا فإن ما يعد تكاليف غير مباشرة لعملية
الإنتاج يكون تكاليف مباشرة للأنشطة التي تخدم المنظمة بشكل عام.
يتطلب تنفيذ الأنشطة كماً من الموارد مثل المواد والتجهيزات واليد العاملة. إن
الحصول على هذه الموارد واستخدامها يؤدي إلى نشوء التكاليف التي تقوم المحاسبة
بقياسها. من هنا تنشأ علاقة ارتباط قوية بين وجود النشاط ومستوى النشاط والتكاليف
. تساعد علاقة الارتباط هذه على فهم أفضل لأسباب نشوء التكاليف وإمكانية تخفيضها مما
ينعكس على تكلفة المنتجات. إن نظام تكاليف الأنشطة يقوم على تتبع أثر التكاليف من
الموارد ( عمال ، مواد ، الآلات وبقية التجهيزات) إلى الأنشطة والعمليات ضمن
المنظمة وصولا إلى تكلفة المنتج معين أو خدمة أو عميل. إنها تحتوي على التكاليف
الاستراتيجية للمنتجات والعملاء. يمكن تقدير وتخطيط التكاليف الاستراتيجية
للمنتجات أو الخدمات أو العملاء أو الوحدات التنظيمية، مما يمكن الإدارة العليا من
فهم وتقويم المستويات المختلفة من المنظمة وهرمها التنظيمي.
إن التكاليف ترتبط بالطاقة التي يتوقع أن تحتاج إليها المنظمة، لأن المنظمة تقوم
بتخصيص الموارد بناءً على الطاقة التي تتوقع أن تحتاج إليها، وبالتالي فإذا كانت
الطاقة المتاحة أكبر من الطاقة المستهلكة فإن ذلك يقود إلى ارتفاع التكلفة. أما
إذا زاد الطلب على الطاقة عن المتاح منها فان المنظمة بحاجة إلى تخصيص موارد
إضافية لتزيد حجم الطاقة المتاحة ، مما يزيد من حجم التكاليف. لذلك يكون الوضع
الأمثل عندما يتساوى الطلب على الطاقة مع المتاح من هذه الطاقة، وهذا ما يطلق عليه
التكلفة العادية للوحدة وهي تساوي إلى التكاليف المنتظمة للطاقة المتاحة مقسومةً
على عدد وحدات الطاقة المتاحة عند هذا الحد من التكاليف. وبالتالي فان التكلفة
العادية لوحدة النشاط هي مقياس متوسط تكلفة الوحدة عندما يكون النشاط متغيراً بشكل
كامل. لذلك تعد التكلفة العادية الأساس في تحديد السعر على الأمد الطويل ( Banker . and.
Hughes ,1994 , pp. 479-494 ) . وبالتالي فإن تكلفة النشاط يجب أن تعرف على
أنها التكاليف المنتظمة اللازمة لتأمين موارد النشاط اللازمة للوصول إلى مستوى
الطاقة الإنتاجية المخططة .
تمثل عدد وحدات محرك تكلفة النشاط الطاقة المتاحة من النشاط عند هذا الحد من
الموارد المخصصة له. وبما أن المنظمات تقوم بتخصيص الموارد للأنشطة المختلفة قبل
معرفة الطلب الفعلي على هذه الموارد ، فإن تكلفة تقديم هذه الموارد سوف تتحملها
الأنشطة سواء تم استخدام هذه الموارد بشكل كامل أم لا . إن تكاليف هذه الموارد مثل
العمل المباشر والطاقة الإنتاجية للآلات والإيجار والتأمين سوف تأخذ شكل التكاليف الثابتة
طالما لم يتجاوز حجم الطاقة المستخدمة حدود الطاقة المتاحة. بينما يرتبط عرض بعض
الموارد المرنة مباشرة بمستوى الإنتاج مثل المواد الأولية والطاقة الكهربائية فهي
تقابل بدقة الطلب على هذه الموارد لذلك تعد تكاليف متغيرة. ويمكن تفسير سلوك
العديد من عناصر التكلفة في الأمد القصير الأجل وفق مدخل مرونة الموارد. فالأنشطة
التي تكون تكاليف الموارد المخصصة لها مرنة في المدى القصير أو المتوسط تصنف بأنها
تكاليف متغيرة، أما تكاليف الموارد التي لا يمكن تعديلها إلا في الأمد الطويل
الأجل فإنها تصنف ضمن التكاليف الثابتة.
إن البيانات حول الوقت الضائع وتكلفته لكل نشاط من الأنشطة لا تظهر في قائمة الدخل
التقليدية، بالرغم من أهميتها للإدارة في تتبع ورقابة هذه التكاليف من أجل
استخدامها في قرارات تحديد عدد العاملين في كل نشاط وطلبات العملاء التي يمكن
قبولها(Banker,1995 ,pp.120 ). يترتب على ذلك أنه يجب ، لأغراض اتخاذ
القرارات ، إعداد قوائم التكاليف على أساس التكلفة العادية بغض النظر عن أثر نسبة
استغلال الطاقة على معدل محرك تكلفة النشاط. أما الإنفاق الإجمالي فيتم عرضه ضمن
القوائم المالية التقليدية. إذ أنه من غير المعقول رفع تكلفة الوحدة الواحدة في
فترات الكساد وتخفيض تكلفة الوحدة الواحدة في فترات الرواج .
يقوم نظام تكاليف الأنشطة بتجميع التكاليف المتعلقة بالأنشطة التي يمكن أن تشمل
العديد من مراكز المسؤولية والتكلفة. فمثلا يتطلب حساب تكلفة طلبية عميل جديد من
تركيب خط هاتف تحديد تكلفة تنفيذ هذه الطلبية في العديد من الأقسام ، قسم خدمة
العملاء ، قسم التخطيط، القسم الفني ، قسم إعداد الفواتير، وقسم المحاسبة.
إن ما يميز نظام تكاليف الأنشطة، ليس فقط شمولية النظرة إلى حوامل التكلفة، وإنما
اعتماده في حساب تكلفة حوامل التكلفة على المعدلات المعيارية التقديرية، وليس على
التكاليف الفعلية، عند تتبعه لتكلفة تنفيذ الأنشطة والعمليات، وهذه المعدلات تحسب
كما هو واضح على أساس الطاقة المتاحة القصوى المخططة وليس على أساس الطاقة
المستغلة فعليا في وقت تنفيذ النشاط، لأن تذبذب كميات النشاط سوف تنعكس على تكاليف
المنتجات والعملاء، مما يشوه مقياس الكفاءة الداخلية للنشاط، لذلك لا يوجد مبرر
إلى عمليات تحديث مباشرة وفورية في نظام تكاليف الأنشطة وذلك لأن هذه المعدلات
تبقى ثابتة على الأمد القصير.
أما من حيث دقة البيانات التي تشكل مدخلات نظام تكاليف الأنشطة فإنه ليس من الضروري
أن تكون هذه البيانات دقيقة بنسبة 100%. فالمدير يمكنه صناعة قرارات جيدة
بالاعتماد على فرضية زائد ناقص 10%.
رابعا - مزايا ومشاكل التكامل بين نظام محاسبة المسؤولية ونظام تكاليف الأنشطة:
إن الربط بين نظام محاسبة المسؤولية ومحاسبة تكاليف الأنشطة يقدم معلومات حيوية
حول فعالية نظام العمليات وإمكانيات تحسينه ومستوى استغلال الطاقة
المخططة(المتاحة) وإعداد الموازنات التقديرية من خلال استخدام نظام تكاليف
الأنشطة، مما يعني تقديم الإمكانية للإدارة لتحويل ما يدعى بالتكاليف الثابتة إلى
تكاليف متغيرة وجعل الإدارة تعالج التكاليف والأرباح المستقبلية من منطلق
استراتيجي وليس من منطلق تاريخي يتعلق بالماضي
الربط بين محاسبة المسؤولية ومحاسبة
تكاليف الأنشطة:
تكمن أهمية الربط بين نظام محاسبة المسؤولية ومحاسبة تكاليف الأنشطة في أن نظام
محاسبة المسؤولية يراقب ثلاث فرضيات جوهرية وهامة بالنسبة لنظام تكاليف الأنشطة،
هي:
- الطاقة المتاحة في ظل الموارد المخصصة للنشاط
- تكلفة ساعة العمل الإنتاجية
- الوقت اللازم لإنجاز نشاط معين.
وعند تأكد الإدارة من حدوث تحول دائم وأكيد في هذه الفرضيات، عندئذ يمكن استخدامها
في استنتاج وإعادة معايرة معدل محرك تكلفة النشاط. وتشكل عملية التحديث لهذه
المعايير أحد المداخل الهامة لتطبيق مفهوم الإدارة (التحسين المستمر ) وإحدى فوائد
نظام التكامل، لذلك فإن عملية تنقية البيانات التي تسجل في نظام محاسبة مراكز
المسؤولية، عند حدوث تغييرات مستمرة في الطاقة والفعالية وأسعار الموارد
المستخدمة، واستخدام هذه البيانات في تحديث معدلات محركات تكاليف الأنشطة
المختلفة، يساهم في تحديد أسباب الانحرافات بين معدلات محركات التكاليف والتكاليف
الفعلية التي تم قياسها في نظام محاسبة المسؤولية، كما يمكن من تحسين المعايير المصممة
لتكاليف الأنشطة وجعلها عبر الزمن أكثر دقة وموضوعية. فعندما يكون المطلوب زيادة
الطاقة الفعلية لأحد لأنشطة، فإن ذلك يؤدي إلى تخفيض معدل محرك تكلفة ذلك النشاط،
أما عندما يتطلب الأمر زيادة الموارد المخصصة لتنفيذ نشاط معين، فإن ذلك يؤدي إلى
ارتفاع معدل محرك تكلفة النشاط.
يزود نظام محاسبة المسؤولية الإدارة بمعلومات ذات قيمة عالية حول الطاقة المستغلة،
ولذلك يجب تصميم نظام محاسبة المسؤولية، بحيث يستطيع تحديد الموارد الضرورية
لتجاوز نقاط الاختناق في الطاقة على مستوى الأنشطة المختلفة. فعندما يربط النظام
بين محرك تكلفة النشاط وتلك الموارد المخصصة لتنفيذ النشاط فإنه يصبح قادراً على
إعلام الإدارة ، أنه سوف يحدث قريبا، ارتفاع في تكاليف نقاط الاختناق ، مما يؤدي
إلى زيادة تكاليف الفرصة الضائعة إذا تم قبول أعمال إضافية في هذا النشاط) ، من
خلال المقارنة بين تكاليف الموارد اللازمة لزيادة حجم الطاقة المتاحة في نشاط معين
والإيرادات التي يمكن الحصول عليها من هذه الزيادة.
إن نظام محاسبة المسؤولية يملك المقدرة على تحسس انحراف الطاقة الفعلية عن الطاقة
المخططة في نظام محاسبة تكاليف الأنشطة. فإذا ظهرت اختناقات وتأخير في تنفيذ أعمال
الأنشطة بالرغم من أن الطاقة الفعلية هي أقل من الطاقة المخططة، فإن ذلك يتطلب
تخفيض الطاقة المخططة في نظام تكاليف الأنشطة.
وعلى العكس، إذا كان الطلب الفعلي على طاقة النشاط يتجاوز الطاقة المخططة من دون
حدوث تأخير أو إرباك في تنفيذ الأنشطة، فإن مثل هذه المعلومات تشكل تغذية راجعة
لنظام تكاليف الأنشطة، حيث يجب في مثل هذه الحالة زيادة حجم محرك التكلفة المخططة
لهذا النشاط مع الإبقاء على نفس الموارد مما يعني تخفيض معدل محرك التكلفة، أما
عند عدم الحاجة إلى زيادة حجم محركات التكلفة المتعلقة بهذا النشاط، فإنه يمكن
الإدارة إعادة تخصيص الموارد بين الأنشطة، مما يؤدي إلى تخفيض معدل محرك التكلفة
أيضا.
الربط بين محاسبة المسؤولية ومحاسبة الأنشطة وإعداد التقارير:
تتمثل أهمية محاسبة التكاليف بالنسبة لعملية إعداد التقارير المالية في تحديد
تكلفة المخزون وتكلفة المبيعات. وبما أن عملية إعداد التقارير المالية تتم
اعتماداً على التكاليف الفعلية فإن نظام محاسبة المسؤولية يعد أكثر ملاءمة لعملية
إعداد التقارير المالية، فهو قائم على أساس التكاليف الفعلية المدونة في السجلات
المالية. ولكن من المفيد لأغراض القرارات الإدارية تقويم مخزون أخر المدة وتكلفة
المبيعات بالتكلفة المعيارية. وهنا تنشأ فروق بين الكيفية التي تستخدمها الإدارة
فيها بتخصيص التكاليف على المنتجات وبين متطلبات إعداد التقارير المالية في تخصيص
التكاليف، وبالتالي ظهور تكلفتين للمنتج الواحد، مما قد يثير الحيرة والارتباك في
الإدارة، لذلك نقترح أن يتم إعداد القوائم والتقارير المالية لأغراض تقويم الأداء
من قبل الإدارة على أساس تكاليف الأنشطة، ثم تتم عملية تصحيح لهذه التقارير بما
ينسجم مع المبادئ المحاسبية المقبولة لأغراض المستخدمين الخارجيين، وتتم عملية
التصحيح هذه على إجمالي تكلفة المخزون و تكلفة المبيعات الإجمالية لكل المنتجات
وليس لكل منتج بشكل مستقل.
إعداد الموازنات التخطيطية على أساس تكاليف الأنشطة:
يقوم إعداد الموازنات التخطيطية على أساس الأنشطة على أساس تحديد الطاقة المطلوب
من كل نشاط أن ينفذها ثم تخصص الموارد الضرورية لتنفيذ هذا النشاط عند ذلك المستوى
من الطاقة في الفترات القادمة. ولعل من أهم مزايا نظم المعلومات المتكاملة إمكانية
إعداد الموازنات التقديرية على أساس الأنشطة. وتمكن عملية إعداد الموازنات
التقديرية على أساس الأنشطة الإدارة من الرقابة بشكل أكثر فعالية على بنية
التكاليف، إذ أنها تمكن الإدارة من تحويل القسم الأعظم من التكاليف الثابتة إلى تكاليف
متغيرة. لإن التمييز بين التكاليف المتغيرة والثابتة هو أمر يتعلق بالقرار الإداري
الذي يحدد كم يجب أن ينفق على تأمين هذا المورد وليس متعلقا بطبيعة المورد
المستخدم، وما هي قدرة القرار الإداري على المواءمة بين الحاجة إلى الموارد وتوفير
هذه الموارد بسرعة. يستطيع المدير اتخاذ القرارات المتعلقة بتأمين الموارد أثناء
عمليات إعداد الموازنة على أساس الأنشطة وبالتالي يمكن اعتبار كل التكاليف التي
سوف تخصص لنشاط معين بمثابة تكاليف متغيرة عند إعداد الموازنة.
إن نظام تكاليف الأنشطة يمكن الإدارة من اتخاذ القرارات المتعلقة بحجم الإنفاق على
الموارد التي تعد وفق المفهوم التقليدي ضمن التكاليف الثابتة مثل المعدات
والتجهيزات والعاملين وتكاليف تشغيل نظم المعلومات. وتتضمن إجراءات إعداد
الموازنات المراحل الرئيسية التالية(Cooper, R. , and
Kaplan, R. S. 1998, pp.116):
تقدير كميات الإنتاج والمبيعات في الفترة المالية:
تتطلب عملية إعداد الموازنة على أساس الأنشطة بالإضافة إلى تقدير كميات المبيعات
والإنتاج تحديد المزيج الإنتاجي وتشكيلة العملاء المستهدفين. وبالتالي فإن
التقديرات لا تتضمن فقط المنتجات التي سوف تباع وإنما عدد ونوعية العملاء الذين
سوف يشترون هذه المنتجات. إن إعداد الموازنة وفق هذه الطريقة يتطلب معلومات أكثر
تفصيلا من الموازنة التقليدية، لأنه يجب توافر معلومات حول الإجراءات الواجب
استخدامها من أجل إنجاز خطة المبيعات والإنتاج. مثل عدد مرات التصنيع لكل منتج،
طرق الشحن، تكرار أوامر الشراء للمواد الأولية، عدد طلبات العملاء المتوقعة، فمثل
هذه المعلومات تعد بمثابة الأساس في تحديد الأنشطة التي تحتاجها المنظمة والطاقة
التشغيلية لكل نشاط.
التنبؤ بالأنشطة التي تحتاج إليها المنظمة والطاقة التشغيلية لكل نشاط:
يتطلب إعداد الموازنات التخطيطية على أساس الأنشطة وضع قائمة بالأنشطة الضرورية
لإنتاج وبيع المنتجات مثل نشاط الفوترة، نشاط الاستلام، نشاط معالجة المواد، نشاط
الصيانة، نشاط فحص المنتجات ونشاط تطوير وتصميم المنتجات الجديدة وجميع الأنشطة
الأخرى. وبعد عملية تحديد الأنشطة يتم تحديد المستوى التشغيلي لكل نشاط من الأنشطة
بناء على معطيات خطة الإنتاج والمبيعات وبقية المعلومات الأخرى الواردة الفقرة
السابقة. يلاحظ على هذه الطريقة في إعداد الموازنة شموليتها لكافة الأنشطة بينما
تقوم الموازنات التقديرية العادية على تقدير المواد والعمل البشري وعمل الآلات
فقط.
تحديد الموارد اللازمة لتنفيذ الأنشطة:
بعد وضع قائمة الأنشطة التي يحتاجها تنفيذ الخطة الإنتاجية والتسويقية يتم وضع
تقديرات حول نوع الموارد من تجهيزات ويد عاملة ومواد أولية وكافة مستلزمات تنفيذ
الأنشطة من حيث الكمية والمواصفات التي تحتاجها الأنشطة، حتى يمكن لهذه الأنشطة
الوصول إلى الطاقة التشغيلية المطلوبة والمحددة في الفقرة السابقة.
تحديد الموارد الفعلية التي يجب توفيرها:
بعد وضع التقديرات السابقة يتم تحويل الحاجة إلى الموارد إلى تقدير إجمالي للموارد
التي يجب توفيرها بحسب الإمكانيات المالية والفنية المتاحة للمنظمة ورغبة المنظمة
في تخصيص الموارد المتاحة لديها بالشكل الأمثل الذي يساهم في تحقيق هدف المنظمة
الاستراتيجي. حيث يتم تخصيص الموارد المتاحة من قبل إدارة المنظمة على هذه الأنشطة
حسب حاجة كل نشاط إلى هذه الموارد حسب تقديرات وسياسة إدارة المنظمة. ويرعى في
عملية التوزيع هذه مدى مرونة عرض الموارد تجاه الطلب عليها.
تحديد طاقة كل نشاط:
في النهاية يجب حساب الطاقة الإنتاجية لكل نشاط من الأنشطة ضمن المنظمة في ظل
الموارد المخصصة لكل نشاط. وإذا تم الانطلاق من الموارد المخصصة، فإن النظام يقوم
بتحديد أي عنصر من عناصر الموارد هو الذي يتحكم بالطاقة الإنتاجية القصوى للنشاط (
المورد الحرج). في معظم الأحوال فإن الإجراء الأخير هو إجراء معقد ويتطلب إعادة
الحسابات لهذه العملية عدداً من المرات. إن تحديد الطاقة المطلوبة من النشاط يتطلب
معرفة نماذج طلبات البيع، جدولة الإنتاج، المشتريات والشحن، والموارد التي يمكن
استخدامها في أنشطة متنوعة والطلب الموسمي على الأنشطة. ويشكل إعداد الموازنات
التقديرية على أساس الأنشطة أحد أساليب تزويد نظام تخطيط الموارد في المنظمة
بمعلومات ذات قيمة عالية تستخدم في توزيع الموارد المتاحة على أنشطة المنظمة
المختلفة بما يساهم في تحقيق أهداف المنظمة.
يتم تزويد نظام محاسبة تكاليف الأنشطة بالطاقة المتاحة من كل نشاط والموارد
المخصصة لكل نشاط، ثم يتم استخدام هذه المعلومات من قبل نظام محاسبة المسؤولية،
لمراقبة استخدام الموارد المخططة ومقارنتها مع النفقات الفعلية وبالتالي تقويم مدى
نجاح الأنشطة المختلفة في تحقيق الأهداف المرسومة لها.
مشاكل التكامل بين النظامين:
تتلخص مشكلة التكامل بين نظام محاسبة المسؤولية ونظام تكاليف الأنشطة في اختلاف كل
من هدف وطبيعة ومدى ومحتوى كل من النظامين (Cooper, and
Kaplan, 1998,
pp.111).
يهدف نظام تكاليف الأنشطة إلى تزويد الإدارة بخريطة اقتصادية للمنظمة، بحيث يمكن
التعرف على أماكن نشوء الموارد وأماكن استخدامها. إنها تساعد الإدارة في فهم
الاقتصاديات المحتملة للمنظمة، حيث تعكس معدلات محرك التكاليف الفعالية الضمنية
للأنشطة مقاسة بالتكلفة وكمية الموارد التي يجب توفيرها لتنفيذ الأنشطة. إن
الفعالية الضمنية لا تقاس بكمية العمل الذي نتوقع أن ننجزه في الفترة القادمة،
وليس بكمية العمل الفعلية المنجزة في الفترة الماضية ولكن بكمية العمل التي يمكن
أن ننجزها في ظل الموارد المتاحة.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف يعتمد نظام تكاليف الأنشطة على التكاليف المعيارية
المقدرة للموارد المخصصة للنشاط في الخطة، لذلك فإن نظام تكاليف الأنشطة هو نظام
معياري من حيث طبيعته. وبناء على الطبيعية المعيارية للنظام فإن المطلوب من النظام
تحديث هذه المعايير في فترات دورية وليس بشكل مستمر وفوري. أما المدى الذي يقيس
على أساسه النظام الفعالية فهو النشاط ودوره في المساهمة في تكوين القيمة من تامين
المواد والمستلزمات وصولا إلى تقديم المنتج إلى العميل.
أما نظام محاسبة المسؤولية فيهدف إلى تزويد الإدارة بمعلومات تغذية اقتصادية عكسية
حول فعالية الأقسام (مراكز المسؤولية ) في إنجاز وظائفها. لذلك فهو يعمل على قياس
التكاليف الفعلية التي تنشأ في مراكز المسؤولية بشكل مستمر. وطالما أن التكاليف
الفعلية هي التي يتم الاعتماد عليها في نظام محاسبة المسؤولية، فإن الدقة في إثبات
هذه التكاليف على مراكز المسؤولية أمر مهم، لأنها يجب أن تتطابق في النهاية مع
النفقات المثبتة في المحاسبة المالية.
وبما أن نظام تكاليف الأنشطة هو نظام معياري فهو يبني المعايير على أساس متوسط
المقاييس خلال الفترة، بينما يقوم نظام محاسبة المسؤولية بتسجيل كافة الأحداث
الاقتصادية الفعلية التي تنشأ في المنظمة بشكل مستمر خلال الفترة المحاسبية. وبما
أن الأحداث الاقتصادية ذات طبيعة عشوائية، فإن ذلك يخلق العديد من المشاكل عند
تصميم النظامين على أساس التكامل بين النظامين. إذ أن نظم تكاليف محاسبة المسؤولية
تقوم بتسجيل الإنفاق الفعلي الذي يتضمن تقلبات عشوائية في النفقات وكميات العمل
المنجزة، مما ينعكس سلباً أو إيجاباً على قياس فعالية وربحية الأنشطة. وتنشأ
التقلبات في الإنفاق نتيجة طبيعة الموارد، فليست كل الموارد المشتراة في فترة
معينة تستخدم في نفس الفترة وليست كل الموارد المستخدمة في فترة معينة تكون مشتراة
في نفس الفترة. أما تقلبات العمل المنجز فتنشأ لأن الطلب على نتائج النشاط ينحرف
سلباً أو إيجاباً عن الطاقة المخططة بشكل يومي. أما تقلبات الفعالية والنتائج
فإنها تحدث لأن الإجراءات تخضع لتغييرات مستمرة.
إن استخدام بيانات نظام تكاليف محاسبة المسؤولية من قبل نظام تكاليف الأنشطة مع
عدم مراعاة أثر هذه التقلبات العشوائية للأحداث الاقتصادية على عمليات التقويم في
الأمد القصير يمكن أن يقود الإدارة إلى قرارات خاطئة في حساب تكاليف المنتج أو
تكاليف طلبية معينة وتقود إلى قرارات خاطئة في مجال تقويم أداء الأنشطة والأقسام ،
لأنها تخفي التحسن أو الفشل في الأنشطة والعمليات في المنظمة. إن تعامل نظام
تكاليف الأنشطة مع بيانات نظام محاسبة المسؤولية يمكن أن يقود الإدارة إلى الخطأ
في ترتيب الأولويات أثناء تصميم إجراءات تحسين الأنشطة والعمليات ضمن المنظمة.
فعلى سبيل المثال يقود انكماش حجم الأعمال أثناء الفترة إلى ارتفاع معدل محرك
تكلفة النشاط الفعلية نتيجة انخفاض كمية الأعمال المطلوب إنجازها. وربما يكون رد
فعل الإدارة على هذا الارتفاع الضغط على العاملين لتحسين الكفاءة والفعالية،
بالرغم من أنه لا يوجد انخفاض حقيقي في الكفاءة الإنتاجية. إن المشكلة الحقيقية هي
في غياب العمل وليس في الفعالية أو الكفاءة . والأكثر من هذا أنها ترسل إشارة
مغلوطة لتحسين الكفاءة والفعالية، فالمدير بحاجة إلى السيطرة على المشكلة الرئيسية
والمتمثلة إما بتأمين عمل أكثر للمنظمة أو البدء بنقل العاملين إلى أنشطة أخرى
والتخلص من التجهيزات الفائضة ليتم عزل الطاقة غير المستخدمة للموارد لعدم حاجة
النشاط إليها.
بالمقابل، عند ازدهار الأعمال، فإن معدل محرك تكلفة النشاط يمكن أن ينخفض. ويقود
تناقص معدل محرك التكلفة إلى شعور المدير بالرضا، ويعتقد أن فعالية النشاط جيدة،
وبالتالي يتوقف عن الضغط على العاملين لتحسين الإنتاجية بالرغم من أن انخفاض
الفعالية قد يكون مستتراً خلف تزايد سرعة النشاط.
إن تبدل وتقلب معدلات محرك التكلفة تجعل المدير محتاراً حول ربحية المنتجات
والعملاء ، فالطلبية التي تصل المنظمة عندما تكون كمية النشاط مرتفعة تظهر أكثر
ربحية من نفس الطلبية الت
مواضيع مماثلة
» نظام إدارة ورقابة تكاليف الانتاج
» محاسبة تكاليف فنادق
» نشأة محاسبة التكاليف
» 1مدخل التكلفة على أساس الأنشطة
» محاسبة المصارف
» محاسبة تكاليف فنادق
» نشأة محاسبة التكاليف
» 1مدخل التكلفة على أساس الأنشطة
» محاسبة المصارف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى